للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بل عُنِى بذلك مُسْلِمةُ أهل الكتاب كلُّهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾: من اليهود والنصارى، وهم مُسْلِمةُ أهل الكتابِ (١).

وأولى هذه الأقوال بتأويل الآيةِ ما قال مجاهدٌ، وذلك أن الله جلَّ ثناؤه عمَّ بقوله: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾. أهلَ الكتابِ جميعًا، فلم يخصُصْ منهم النصارى دونَ اليهود، ولا اليهودَ دونَ النصارى، وإنما أخبَر أن مِن أهل الكتاب مَن يُؤمِنُ بالله، وكلا الفريقين - أعنى اليهودَ والنصارى - من أهل الكتاب.

فإن قال قائلٌ: فما أنت قائلٌ في الخبرِ الذي رويتَ عن جابرٍ وغيره أنها نزلت في النجاشيِّ وأصحابِه؟

قيل: ذلك خبرٌ في إسنادِه نَظَرٌ، ولو كان صحيحًا لا شكَّ فيه لم يَكُنْ لما قلنا في معنى الآية بخلافٍ (٢)، وذلك أن جابرًا ومَن قال بقوله إنما قالوا: نزلت في النجاشيِّ. وقد تَنْزِلُ الآيةُ في الشئ ثم يُعَمُّ بها كلُّ مَن كان في معناه. فالآيةُ وإن كانت نزلت في النجاشيِّ، فإن الله قد جعل الحكم الذي حكَم به للنجاشيِّ حكمًا لجميع عباده الذين هم بصفة النجاشيِّ، في اتباعِهم رسول الله والتصديق بما جاءهم به مِن عندِ اللهِ، بعد الذي كانوا عليه قبل ذلك، مِن اتباع أمرِ اللهِ، فيما أمر به عباده في الكتابين؛ التوراة والإنجيل.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٤٦ (٤٦٨٤) من طريق أبى حذيفة به.
(٢) في م: "خلاف".