للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ﴿قُلْ﴾ يا محمدُ لقومِك مِن قريشٍ، الذين يَجْعَلون مع اللهِ إلهًا آخرَ: ﴿اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾. يقولُ: اعْمَلوا على حِيالِكم وناحيتِكم.

كما حدَّثني علىُّ بنُ داودَ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن علىِّ بنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾. يعنى: على ناحيتِكُم (١).

يقالُ منه: هو يَعْمَلُ على مكانتِه ومَكِينتِه.

وقرَأ ذلك بعضُ الكوفيين: (على مَكَانَاتِكم) (٢). على جمعِ المكانةِ.

والذى عليه قرأةُ الأمصارِ: ﴿عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾. على التوحيدِ.

﴿إِنِّي عَامِلٌ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه لنبيِّه: قلْ لهم: اعْمَلوا ما أنتم عامِلون، فإني عاملٌ ما أنا عاملُه مما أمَرَنى به ربِّى، ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: فسوف تَعْلَمون عندَ نزول نِقْمةِ اللهِ بكم، أيُّنا كان المحقَّ فى عملِه، والمصيبَ سبيلَ الرشادِ، أنا أم أنتم؟

وقولُه تعالى ذكرُه لنبيِّه: قلْ لقومِك: ﴿يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾. أمرٌ منه له بوَعيدِهم وتهديدِهم، لا إطلاقٌ لهم فى عملِ ما أرادوا مِن معاصِى اللهِ.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٩٠ (٧٩٠٩) من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٤٧ إلى ابن المنذر.
(٢) هي قراءة عاصم وحده في رواية أبي بكر. السبعة لابن مجاهد ص ٢٦٩.