للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنهم لا يَدْخُلون النارَ، وإنما فيها إخبارٌ مِن اللهِ تعالى ذكرُه، أنهم يَدْخُلُون جناتِ عَدْنٍ، وجائزٌ أن يَدْخُلَها الظالمُ لنفسِه بعدَ عقوبةِ اللهِ إياه على ذنوبه التي أصابَها في الدنيا، وظلمِه نفسَه فيها، بالنارِ، أو بما شاء مِن عقابِه، ثم يُدْخِلُه الجنةَ، فيكونُ ممن عمَّه خبرُ اللَّهِ جلَّ ثناؤُه بقولهِ: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا﴾.

وقد رُوِى عن رسولِ اللهِ بنحوِ الذي قلنا مِن ذلك أخبارٌ، وإن كان في أسانيدِها نظرٌ، مع دليلِ الكتابِ على صحتِه، على النحوِ الذي بيَّنتُ.

ذكرُ الروايةِ الواردةِ بذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا أبو أحمدَ الزُّبيريُّ (١)، قال: ثنا سفيانُ، عن الأعمشِ قال: ذكَر أبو ثابتٍ [قال: دخَل رجلٌ المسجدَ] (٢)، فجلَس إلى جنبِ أبي الدرداءِ، فقال: اللهم آنِسْ وَحْشَتى، وارْحَمْ غُرْبتي، ويسِّرْ لي جليسًا صالحًا. فقال أبو الدرداءِ: لئن كنتَ صادقًا لأنا أسعدُ به منك، سأُحَدِّثُك حديثًا سمِعْتُه من رسولِ اللهِ ، لم أُحَدِّثْ به منذُ سمِعْتُه ذكَر هذه الآية، ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾، فأما السابقُ بالخيراتِ فيَدْخُلُها بغيرِ حسابٍ، وأما المُقْتَصِدُ فيُحاسَبُ حسابًا يسيرًا، وأما الظالمُ لنفسِه فيُصِيبُه في ذلك المكانِ من الغمِّ والحزنِ، فذلك قولُه: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ (٣).


(١) في ت ١: "الزهرى"، وينظر تهذيب الكمال ٢٥/ ٤٧٦.
(٢) في م: "أنه دخل المسجد"، وفى ت ١: "قال دخل المسجد".
(٣) أخرجه أحمد ٥/ ١٩٤، ٦/ ٤٤٤ (الميمنية)، وابن أبي الدنيا في الأهوال (٢٧٦)، وابن أبي حاتم - كما في تفسير ابن كثير ٦/ ٥٣٤ - والبغوى في تفسيره ٦/ ٤٢١ من طريق الثورى به، وأخرجه الحاكم ٢/ ٤٢٦، والبيهقي في البعث (٦٢)، من طريق الأعمش به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٥١ إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والطبراني.