للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد بيَّنا أن كلَّ (١) عالٍ بقهرٍ وغلبةٍ على شيءٍ، فإن العربَ تقولُ: هو فوقَه (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (١٢٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُ: قال موسى لقومِه مِن بنى إسرائيلَ لما قال فرعونُ للملأ مِن قومِه: سنُقَتِّلُ أبناءَ بنى إسرائيلَ ونَستحيى نساءَهم -: اسْتَعينوا باللهِ على فرعونَ وقومِه فيما ينوبُكم مِن أمرِكم، واصبِروا على ما نالكم مِن المكارِهِ في أنفسِكم وأبنائكم مِن فرعونَ.

وكان قد تَبع موسى مِن بنى إسرائيلَ على ما حدَّثني به عبدُ الكريمِ بنُ الهيثمِ، قال: ثنا إبراهيم بنُ بشارٍ، قال: ثنا سفيانُ، قال: ثنا أبو سعدٍ، عن عكرمةَ، عن ابن عباس، قال: لما آمنَت السحرةُ، اتَّبع موسى ستُّمائةِ ألفٍ من بنى إسرائيلَ (٣).

وقولُه: ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾، يقولُ: إن الأرضَ لله، لعلَّ الله يُورِثُكم إن صَبَرتم على ما نالكم مِن مكروهٍ في أنفسِكم وأولادِكم مِن فرعونَ، واحتسبْتم ذلك، واستقمْتم [من دينكم] (٤) على السدادِ - أرضَ فرعونَ وقومِه، بأن يُهْلِكَهم ويستخلِفَكم فيها، فإن الله يُورِثُ أَرضَه مَن يَشَاءُ مِن عبادِه، ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾. يقولُ: والعاقبةُ المحمودةُ لمَن انقى الله وراقبَه، فخافَه باجتنابِ معاصيه وأداءِ فرائضِه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ


(١) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "شيء".
(٢) ينظر ما تقدم في ٩/ ١٨٠.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٠٧ إلى المصنف.
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.