للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محذوفًا منه، منه، فكأنه فيه، لمعرفةِ السامِعِين بمعناه.

﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ﴾. يقولُ: ثم نقولُ إذا حشَرْنا هؤلاء المُفْتَرِين على اللهِ الكذبَ، بادِّعائِهم له في سلطانِه شريكًا، والمكذِّبين بآياتِه ورسلِه، فجمَعْنا جميعَهم يومَ القيامةِ: ﴿أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ أنهم لكم آلهةٌ من دونِ اللهِ؛ افتراءً وكذبًا، وتَدْعُونهم من دونِه أربابًا فأْتُوا بهم إن كنتم صادقين!

القولُ في تأويلِ قوله: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ثم لم يَكُنْ قولُهم إذ قلنا لهم: ﴿أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾؟ إجابةً منهم لنا عن سؤالِنا إياهم ذلك إذ فتَنَّاهم فاخْتَبَرْناهم، ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾. كذبًا منهم في أَيْمانِهم على قيلِهم ذلك.

ثم اختَلَفت القرأة في قراءة ذلك؛ فقرأَتْه جماعةٌ مِن قرأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ الكُوفيين: (ثم لم تَكُنْ فِتْنَتَهم) (١). بالنصبِ (٢)، بمعنى: لم يَكْنِ اختبارَناهم (٣) إلا قيلُهم: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾، غيرَ أنهم كانوا (٤) يَقْرَءون: (تكن). بالتاءِ على التأنيثِ، وإن كانت للقولِ لا للفتنةِ؛ لمجاورتِها (٥) الفتنةَ وهي خبرٌ. وذلك عندَ أهلِ العربيةِ شاذٌّ غيرُ فَصيحٍ في الكلام. وقد رُوِى بيتٌ للَبيدٍ بنحوِ ذلك، وهو قولُه (٦):


(١) بعده في ص، ت ١، ت ٢، س: "بالياء".
(٢) وهذه قراءة نافع وأبي عمرو، وعاصم في رواية أبي بكر وفى رواية عن ابن كثير. السبعة لابن مجاهد ص ٢٥٥.
(٣) في م: "اختبارنا لهم".
(٤) سقط من: م.
(٥) في م: "لمجاورته".
(٦) شرح ديوان لبيد ص ٣٠٦.