للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عهدًا. فأما إذا جعَل: "لا يملكون الشفاعةَ" خبرًا عن المجرمين، فإن "مَنْ" تكونُ حينئذٍ نصبًا على أنه استثناءٌ منقطعٌ، فيكونُ معنى الكلامِ: لا يملكون الشفاعةَ، لكنْ مَنْ اتخذ عندَ الرحمنِ عهدًا، يَمْلِكُه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكْرُه: وقال هؤلاء الكافِرون باللهِ: ﴿اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا﴾.

﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا﴾ يقولُ تعالى ذكْرُه للقائِلين ذلك من خَلْقِه: لقد جئتم أيها الناسُ شيئًا عظيمًا، ومن القولُ مُنَكرًا.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿شَيْئًا إِدًّا﴾. يقولُ: قولًا عظيمًا (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا﴾. يقولُ: لقد جئتم شيئًا عظيمًا، وهو المنكَرُ مِن القولُ (٢).


(١) علقه البخاري عن ابن عباس (الفتح ٨/ ٤٢٧)، وأخرجه ابن أبي حاتم - كما في تغليق التعليق ٤/ ٢٤٩ - من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٨٦ إلى ابن المنذر.
(٢) ذكره الطوسى في التبيان ٧/ ١٣٤ بلفظ "منكرا عظيما"، والبغوى في تفسيره ٥/ ٢٥٦ بلفظ "منكرا"، والقرطبي في تفسيره ١١/ ١٥٦ بنفى لفظ التبيان.