للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نُحَدَّثُ أن الشهيدَ يُشَفَّعُ في سبعين مِن أهلِ بيتِه (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن أبي المِلَيح، عن عَوْفِ بن مالكٍ، قال: قال رسولُ اللهِ : "إِن شَفاعَتِى لِمَنْ مات مِن أُمَّتي لا يُشركُ باللهِ شيئًا" (٢).

و "من" في قولِه: ﴿إِلَّا مَنِ﴾ في موضعِ نصبٍ على الاستثناءِ، ولا يكونُ خفضًا بضميرِ اللامِ، ولكن قد يكون نصبًا في الكلامِ في غيرِ هذا الموضعِ، وذلك كقولِ القائلِ: أردتُ المرورَ اليومَ إلا العَدُوَّ، فإني لا أمُرُّ به. فيَسْتَثْنِى العدوَّ مِن المعنى. وليس ذلك كذلك في قولِه: ﴿لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾؛ لأن معنى الكلامِ: لا يَمْلِكُ هؤلاءِ الكفارُ إِلا مَن آمَن باللهِ. فالمؤمنون ليسوا مِن عِدادِ (٣) الكافِرين. ومَن نصَبه على أن معناه: إِلا لَمَنِ اتَّخَذ عندَ الرحمن عهدًا، فإنه يَنْبَغى أن يجعلَ قولَه: لا يملِكون الشفاعةَ للمتقين. فيكونُ معنى الكلامِ حينئذٍ: يومَ نَحشرُ المتقينَ إلى الرحمنِ وفدًا، لا يَمْلكون الشفاعةَ، إلا مَن اتَّخَذ عندَ الرحمنِ عهدًا. فيكونُ معناه عندَ ذلك: إلا لمن اتَّخَذ عندَ الرحمنِ


(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٨٥ مطولا، وعزاه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر، وليس عنده قوله: "أي بطاعته … ورضى له قولا". وأخرج الطبراني في الكبير ٢٢/ ٧٦ (١٨٨)، وأبو نعيم في الحلية ١٠/ ٣٠٤، ٣٠٥، والخطيب في تاريخ بغداد ٥/ ٢٦ من طريق قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع مرفوعا، قوله: "إن في أمتى رجلا" "تميم". أما قول قتادة: وكنا نحدث أن الشهيد أخرج هذا الحديث مرفوعا: أبو داود (٢٥٢٢)، وابن حبان (٤٦٦٠)، والآجرى في الشريعة ٣/ ١٢٤٤، ١٢٤٥ (٨١٣، ٨١٤)، والبيهقى في السنن الكبرى ٩/ ١٦٤، من حديث أبي الدرداء عنه .
(٢) أخرجه أحمد ٦/ ٢٩، والترمذى (٢٤٤١)، كلاهما من طريق سعيد به، مطولًا بزيادة في أوله عندهما. وأخرجه أحمد ٦/ ٢٨، ٢٩، والترمذى (٢٤٤١) كلاهما من طريق أبي عوانة عن قتادة به، مطولا بزيادة أوله عندهما.
(٣) في ص، ت ١، ف: "عذاب"، وفى م: "أعداد".