للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشبه ذلك، ويقولُ: من ذلك قولُ اللهِ تعالى ذكْرُه: ﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ [الأنعام: ٧٨]. بمعنى: هذا الشيءٌ الطالعُ. وقولُه: ﴿[كَلَّا إِنَّهَا] (١) تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾ [عبس: ١١، ١٢]. ولم يقلْ: ذَكَرها؛ لأن معناه: فمن شاء ذكر هذا الشئَ. وقولُه: ﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (٣٥) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ﴾ [النمل: ٣٥،٣٦]، ولم يقلْ: جاءت.

وكان بعضُ البصريين يقولُ: قيل: ﴿مِمَّا فِي بُطُونِهِ﴾. لأن المعنى: نُسقيكم من أيِّ الأنعامِ كان في بطونِه اللبنُ (٢). ويقولُ: "فيه اللبنُ" مضمَرٌ. يعنى: أنه يُسقى من أيِّها كان ذا لبنٍ؛ وذلك لأنه ليس لكُلِّها لبنٌ، وإنما يُسقى من ذواتِ اللبن.

والقولان الأوّلان أصحُّ مخرجًا على كلامِ العربِ من هذا القولِ الثالثِ.

وقولُه: ﴿مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا﴾. يقولُ: نُسقيكم لبنًا نُخرجُه لكم من بين فَرْثٍ ودمٍ ﴿خَالِصًا﴾. يقولُ: خلَص من مخالطةِ الدمِ والفَرْثِ فلم يختلِطا به، ﴿سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾. يقولُ: يَسوعُ لمن شرِبه، فلا يَغُصُّ به كما يَغَصُّ الغاصُّ ببعضِ ما يأكلُه من الأطعمةِ. وقيل: إنه لم يَغَصَّ أحدٌ باللبنِ قَطُّ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٦٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ولكم أيضًا أيها الناسُ عِبرةٌ فيما نُسقيكم من ثمراتِ النخيلِ والأعنابِ، ما (٣) تتِخذون منه سَكَرًا ورزقًا حسنًا، مع ما نُسقيكم من بطونِ


(١) في النسخ: "إن هذه". والمثبت صواب استشهاد المصنف.
(٢) سقط من: م.
(٣) في ف: "مما".