للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا عمرانُ بن بكَّارٍ الكَلَاعيُّ، قال: ثنا يحيى بنُ صالحٍ، قال: ثنا أبو يحيى بن عبدِ الرحمنِ، قال: ثنى بشرُ بنُ منصورٍ، عن عليّ بن زيدٍ، عن سعيدِ بن المسيَّبِ، قال: سمِعْتُ سعدَ بنَ مالكٍ يقولُ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ يقولُ: "اسمُ اللَّهِ الذي إذا دُعِى به أجاب، وإذا سُئِل به أعْطَى، دعوة يونُسَ بن مَتَّى". قال: فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، هي ليونُسَ بن مَتّى خاصةً، أم لجماعةِ المسلمين؟ قال: "هي ليونُسَ بن مَتَّى خاصةً، وللمؤمنين عامةً إذا دَعَوْا بها، ألم تَسْمَعْ قول اللَّهِ : ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ فهو شرطُ اللَّهِ لمن دعاه بها" (١)

واخْتَلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾. فقرَأَت ذلك قرأةُ الأمصار، سوى عاصمٍ، بنونين، الثانيةُ منهما ساكنةٌ مِن: أنْجيناه، فنحن نُنْجِيه. وإنما قرءوا ذلك كذلك، وكتابتُه في المصاحفِ بنونٍ واحدةِ؛ لأنه لو قُرِئَ بنونٍ واحدةٍ وتشديد الجيمِ، بمعنى ما لم يُسَمَّ فاعلُه، كان "المؤمنون" رفعًا، وهم في المصاحفِ منصوبون، ولو قُرِئَ بنونٍ واحدةٍ وتخفيفِ الجيمِ، كان الفعلُ للمؤمنين، وكانوا رفعًا، ووجَب مع ذلك أن يكونَ قولُه: "نجى". مكتوبًا بالألفِ؛ لأنه مِن ذواتِ الواوِ، وهو في المصاحفِ بالياءِ.

فإن قال قائلٌ: فكيف كُتب ذلك بنونٍ واحدةٍ، وقد علِمْتَ أن حكمَ ذلك إذا قُرِئَ: ﴿نُنْجِي﴾. أن يُكْتَبَ بنونين؟ قيل: لأن النونَ الثانيةَ لما سُكِّنَت، وكان


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٣٦٣ عن المصنف.