للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُخْبِرون أصحابَ رسولِ اللهِ بذلك، فكان تلاوُمُهم فيما بينهم إذا خَلَوْا على ما كانوا يُخْبِرونَهم بما هو حُجَّةٌ للمسلمينَ عليهم عندَ ربِّهم، وذلك أنهم كانوا يُخبرونهم عن وجودِ نَعْتِ محمدٍ في كُتبِهم ويَكفرون به، وكان فتحُ اللهِ الذى فَتَحه للمسلمين على اليهودِ، وحُكمُه عليهم لهم في كتابِهم، أن يُؤمنوا بمحمدٍ إذا بُعِث، فلما بُعث كفَروا به مع عِلْمِهم بنُبُوّتِه.

وقولُه: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾. خبرٌ من اللهِ تعالى ذكرُه عن اليهودِ اللائمينَ إخوانَهم على ما أخبَروا أصحابَ رسولِ اللهِ بما فتَح اللهُ لهم عليهم، أنهم قالوا لهم: أفلا تَفْقَهون أيُّها القومُ وتَعْقِلُون أن إخبارَكم أصحابَ محمدٍ (١) بما في كُتُبِكم أنه نبىٌّ مبعوثٌ، حجةٌ لهم عليكم عندَ ربِّكم يحتجُّون بها عليكم؟! أى: فلا تفعلوا ذلك، ولا تقولوا لهم مثلَ ما قلتُم، ولا تُخبروهم بمثلِ ما أخبرتُموهم به من ذلك. فقال جلَّ ثناؤُه: ﴿أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٧)﴾.

يعنى بقولِه جلَّ ثناؤُه: أَوَلا يَعْلَمُ هؤلاءِ اللائمونَ من اليهودِ إخوانَهم من أهلِ مِلَّتِهم -على كونِهم (٢) إذا لَقُوا الذين آمنوا قالوا: آمنَّا. وعلى إخبارِهم المؤمنينَ بما في كتبِهم من نَعْتِ رسولِ اللهِ ، ومَبْعثِه، القائلون لهم: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ - أنَّ اللهَ عالمٌ بما يُسِرُّون فيُخْفُونه عن المؤمنين في خَلائِهم؛ من كفرِهم وتلاوُمِهم بينَهم على إظهارِهم ما أظهَروا لرسولِ


(١) في م: "النبى".
(٢) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "قولهم".