للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُخْرِجَهم مِن أرضِهم وأوطانِهم، ويُسَيِّرَهم إلى أَذْرِعاتِ الشامِ، وجعل لكلِّ ثلاثةٍ منهم بعيرًا وسِقاءً (١).

حدِّثْتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: أخبَرنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ﴾: أهلِ النَّضِيرِ، حاصَرهم نبيُّ اللَّهِ حتى بلَغ منهم كلَّ مَبْلَغٍ، فأَعْطَوا نبيَّ اللَّهِ ما أراد. ثم ذكَر نحوَه، وزاد فيه: فهذا الجَلَاءُ (٢).

وقولُه: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هذا الذي فعَل اللَّهُ بهؤلاءِ اليهودِ ما فعَل بهم؛ مِن إخراجِهم مِن ديارِهم، وقَذْفِ الرعبِ في قلوبِهم مِن المؤمنين، وجعَل لهم في الآخرةِ عذابَ النارِ - بما فعلوا هم في الدنيا؛ مِن مخالفتِهم اللَّهَ ورسولَه في أمرِه ونهيِه، وعصيانِهم ربَّهم فيما أمَرهم به مِن اتِّباعِ محمدٍ ، ﴿وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ومَن يُخالِفِ اللَّهَ في أمرِه ونهيِه فإنَّ اللَّهَ شديدُ العقابِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ما قَطَعتم مِن ألوانِ النَّخْلِ، أو تَرَكْتُموها قائمةً على أصولِها.

اختلَف أهلُ التأويلِ في معنى اللِّينَةِ؛ فقال بعضُهم: هي جميعُ أنواعِ النَّخْلِ سوى العَجْوَةِ


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٥٥٣، والبيهقي في دلائل النبوة ٣/ ٣٥٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٨٨ إلى ابن مردويه.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٨٥، كما ذكره البغوي في تفسيره ٨/ ٦٩ بنحوه.