للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ﴾ مِن أرضِهم وديارِهم، لعذَّبهم في الدنيا بالقتلِ والسَّبيِ، ولكنه رفَع العذابَ عنهم في الدنيا بالقتلِ، وجعَل عذابَهم في الدنيا الجلاءَ، ﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ﴾ مع ما أحلَّ بهم مِن الخِزْيِ في الدنيا، بالجَلَاءِ عن أرضِهم ودورِهم.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الزهريِّ، قال: كان النَّضيرُ مِن سِبْطٍ لم يُصِبْهم جلاءٌ فيما مضَى، وكان اللَّهُ قد كتَب عليهم الجَلاءَ؛ ولولا ذلك عذَّبهم في الدنيا بالقتلِ والسِّباءِ (١).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ، عن يزيدَ بنِ رُومانَ: ﴿وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ﴾: وكان لهم مِن اللَّهِ نِقْمَةٌ ﴿لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا﴾. أي: بالسيفِ، ﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ﴾ مع ذلك (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمِّي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ، قولَه: ﴿وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ﴾. قال: كان رسولُ اللَّهِ قد حاصَرهم حتى بلَغ منهم كلَّ مَبْلَغٍ، فأَعْطَوه ما أراد منهم، فصالَحهم على أن يَحْقِنَ لهم دماءَهم، وأنْ


(١) تقدم تخريجه في ص ٤٩٨.
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ١٩٣.