للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُبْتُم من ذنوبِكم، وأنَبتم من كفرِكم إلى الإيمانِ باللهِ وبداعِيه.

وقولُه: ﴿وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عن قيلِ هؤلاء النَّفَرِ لقومِهم: ومَن لا يُجِبْ أَيُّها القومُ رسولَ اللهِ محمدًا وداعيَه إلى ما بعَثه بالدعاءِ إليه؛ من توحيدِه والعملِ بطاعتِه، ﴿فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ: فليس بمعجِزٍ ربَّه بهربِه، إذا أراد عقوبتَه على تكذيبِه داعيَه وترْكِه تصديقَه، وإِنْ ذهَب في الأرضِ هاربًا؛ لأنه حيثُ كان فهو في سلطانِه وقبضتِه، ﴿وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ﴾. يقولُ: وليس لمن لم يُجِبْ داعيَ اللهِ من دونِ ربِّه نُصراءُ يَنْصُرونه من اللهِ، إذا عاقبه ربُّه على كفرِه به وتكذيبِه داعيَه.

وقولُه: ﴿أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾. يقولُ: هؤلاء الذين [لا يُجِيبون] (١) داعيَ اللهِ فيُصَدِّقوا به وبما دعاهم إليه من توحيدِ اللهِ والعملِ بطاعتِه - في جَوْرٍ عن قصدِ السبيلِ، وأخذٍ على غيرِ استقامةٍ، ﴿مُبِينٍ﴾. يقولُ: يَبِينُ لمن تأمَّله أنه ضلالٌ وأخْذٌ على غيرِ قصدٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: أو لم يَنْظُر هؤلاء المُنكِرون إحياءَ اللهِ خلقَه مِن بعدِ وفاتِهم، وبعثَه إيَّاهم من قبورِهم بعدَ بِلاهم القائلون لآبائِهم وأمهاتِهم: ﴿أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي﴾ [الأحقاف: ١٧] فلم يُبْعَثوا - بأبصارِ قلوبِهم، فيَرَوا ويَعْلَموا أنَّ الله الذي خلَق السماواتِ السبعَ والأرضَ، فابتدعهُنَّ من غيرِ شيءٍ، ولم يَعْىَ بإنشائِهن فيَعْجِزَ عن اختراعِهن وإحداثِهن، ﴿بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ


(١) في م: "لم يجيبوا".