للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩) مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: الله ذو لطفٍ بخلقِه (١)، يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ فَيُوَسِّعُ عليه، ويَقتُرُ على مَن يَشَاءُ منهم، ﴿وَهُوَ الْقَوِيُّ﴾ الذي لا يَغْلِبُه ذو [أَيْدٍ لشدتِه] (٢)، ولا يَمتَنِعُ عليه إذا أراد عقابه بقدرته، ﴿الْعَزِيزُ﴾ في انتقامه إذا انْتَقَم مِن أهلِ معاصِيه.

﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: من كان يُرِيدُ بعمله الآخرة، ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾. يقولُ: نَزِدْ له في عمله الحسنِ، فنَجْعَلْ له بالواحدةِ عَشْرًا، إلى ما شاء ربُّنا من الزيادةِ، ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾. يقولُ: ومَن كان يُرِيدُ بعمله الدنيا، ولها يَسْعَى، لا للآخرةِ، نُؤْتِه منها ما قسَمْنا له منها، ﴿وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾. يقولُ: وليس لمن طلب بعملِه الدنيا، ولم يُرِدِ الله به، في ثوابِ اللهِ لأهلِ الأعمالِ التي أرادوه بأعمالهم في الدنيا - حظٌّ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾ إلى: ﴿وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾. قال: يقولُ: مَن كان إنما يَعْمَلُ للدنيا نُؤْتِه منها (٣).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بعباده".
(٢) في الأصل: "يد بشدته".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٥ إلى المصنف وعبد بن حميد.