للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنَّها بُرْجُ رُومِيٌّ يُشَيَّدُهُ … لُزَّ بِجِصٍّ وآجُرٍّ وأَحْجارِ

وقيل: ﴿بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾. ولم يُقَلْ: كالقصورِ. والشَّررُ جماعٌ، كما قيل: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [القمر: ٤٥]. ولم يُقَل: الأدبارُ. لأنَّ الدبرَ بمعنى الأدبار، وفُعِل (١) ذلك توفيقًا بين رؤوسِ الآياتِ ومقاطعِ الكلامِ؛ لأنَّ العربَ تفعلُ ذلك كذلك، وبلسانِها نزل القرآنُ. وقيل: ﴿كَالْقَصْرِ﴾. ومعنى الكلامِ: كعِظَمِ القصرِ، كما قيل: ﴿تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ [الأحزاب: ١٩]. ولم يُقَلْ: كعُيونِ الذي يُغْشَى عليه. لأنَّ المرادَ في التشبيهِ الفعلُ لا العينُ (٢).

كما حدَّثني محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن عطاءِ بن السائبِ، أنه سأل الأسودَ عن هذه الآيةِ: ﴿تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾. فقال: مثلَ القصرِ.

وقولُه: ﴿جِمَالَتٌ صُفْرٌ﴾. اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: كأَنَّ الشَّررَ الذي ترمى به جهنمُ كالقصرِ جمالاتٌ سودٌ؛ أي أَيْنُقٌ (٣) (*) سودٌ، وقالوا: الصُّفرُ في هذا الموضعِ بمعنى السودِ. قالوا: وإنما قيل لها: صفرٌ. وهى سودٌ؛ لأنَّ ألوانَ الإِبلِ السودِ تَضْرِبُ إلى الصفرةِ؛ ولذلك قيل لها: صفرٌ. كما سُمِّيت الظباءُ أُدْمًا؛ لما يَعْلُوها في بياضِها مِن الظلمةِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني أحمدُ بنُ عمرٍو البصريُّ، قال: ثنا بَدَلُ بنُ المُحَبَّرِ، قال: ثنا عَبَّادُ بنُ


(١) في ت ٢، ت ٣: "وقيل".
(٢) ينظر معاني القرآن ٣/ ٢٢٤.
(٣) الأينق: جمع ناقة وهى الأنثى من الإبل. الوسيط (ن و ق).
(*) من هنا خرم في ت ٢ ينتهى عند قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا﴾.