للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنائِهم، وأنه الذي بيَدِه الحياةُ والموتُ، مِن قريشٍ ومَن كان يُكَذِّبُ بذلك مِن سائرِ العربِ، وتثبيتُ الحجةِ بذلك على مَن كان بينَ ظَهْرَانَيْ مُهاجَرِ رسولِ اللَّهِ مِن يهودِ بني إسرائيلَ، بإطلَاعِه نبيَّه محمدًا على ما يُزِيلُ شكَّهم في نبوَّتِه، ويَقْطَعُ عذرَهم في رسالتِه، إذ كانت هذه الأنباءُ التي أوحاها اللَّهُ إلى نبيِّه محمدٍ في كتابِه، مِن الأنباءِ التي لم يكنْ يَعْلَمُها محمدٌ وقومُه، ولم يَكنْ علْمُ ذلك إلا عندَ أهلِ الكتابِ، ولم يكنْ محمدٌ وقومُه منهم، بل كان أمِّيًّا، وقومُه أُمَّيُّون، فكان معلومًا بذلك - عندَ أهلِ الكتابِ مِن اليهودِ الذين كانوا بينَ ظَهْرَانَيْ مُهاجَرِه - أن محمدًا لم يَعْلَمْ ذلك إلا بوحيٍ مِن اللَّهِ تعالى ذكرُه إليه. ولو كان (١) المقصودُ بذلك الخبرَ عن اسمِ قائلِ ذلك، لكانتِ الدَّلالةُ منصوبةً عليه نصبًا يَقْطَعُ العذرَ، ويُزيلُ الشكَّ، ولكنَّ القصدَ كان إلى ذمِّ قِيلِه، فأبان ذلك جلّ ثناؤه لخَلْقِه.

واختلَف أهلُ التأويلِ في القريةِ التي مرَّ عليها القائلُ: ﴿أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾. فقال بعضُهم: هي بيتُ المقدسِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سهلِ بن عسكرٍ ومحمدُ بنُ عبدِ الملكِ، قالا: ثنا إسماعيلُ بن عبدِ الكريمِ، قال: ثنى عبدُ الصمدِ بنُ مَعْقِلٍ أنه سمِع وَهْبَ بنَ مُنَبِّهٍ، قال: لما رأى إِرمِيَا هَدَمَ (٢) بيتِ المقدسِ كالجبلِ العظيمِ، قال: ﴿أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ (٣).


(١) بعده في ص: "يعلم".
(٢) الهدم، بفتح الدال: ما انهدم من البناء. اللسان (هـ د م).
(٣) تقدم تخريجه في ص ٥٨٠.