للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أضطرُّ كفارَهم بعدَ ذلك إلى عذاب النارِ.

وأما قولُه: ﴿فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا﴾ فإنه يعنى: فأَجْعَلُ ما أَرْزُقُه مِن ذلك في حياتِه متاعًا يَتَمَتَّعُ به إلى وقتِ مماتِه.

وإنما قلنا: إنَّ ذلك كذلك؛ لأن اللهَ جلَّ ثناؤُه إنما قال ذلك لإبراهيمَ جوابًا لمسألتِه ما سأل مِن رزقِ الثمراتِ لمؤمنى أهلِ مكةَ، فكان معلومًا بذلك أن الجوابَ إنما هو فيما سألَه إبراهيمُ لا في غيرِه. وبالذى قلنا في ذلك قاله مجاهدٌ، وقد ذكَرنا الروايةَ بذلك عنه.

وقال بعضُهم: تأويلُه: فأمتِّعُه بالبقاءِ في الدنيا.

وقال غيرُه: فأمتِّعُه قليلًا في كفرِه ما أقام بمكةَ، حتى أبعَثَ محمدًا فيَقْتُلَه إن أقام على كفرِه أو يُجْلِيَه عنها. وذلك وإن كان وجهًا يَحْتَمِلُه الكلامُ، فإن دليلَ ظاهرِ الكلامِ على خلافِه؛ لما وصَفنا.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ﴾.

يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ﴾: ثم أَدْفَعُه إلى (١) النارِ وأَسُوقُه إليها، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ [الطور: ١٣]. ومعنى الاضْطرارِ الإكراهُ. يقالُ: اضْطَرَرتُ فلانًا إلى هذا الأمرِ، إذا ألجَأْتَه إليه وحمَلتَه عليه. فكذلك معنى قولِه: ﴿ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ﴾: أَدْفَعُه إليه وأَسُوقُه سحبًا وجرًّا على وجهِه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦)﴾.


(١) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عذاب".