للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ (١).

القولُ فى تأويلِ قولِه: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا﴾.

يقولُ جلَّ ثناؤُه: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾. وهم العادِلون باللهِ الأوثانَ والأصنامَ مِن مشركى قريشٍ: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا﴾. يقولُ: قالوا؛ احْتِجارًا (٢) مِن الإذعانِ للحقِّ بالباطلِ مِن الحجةِ، لمَّا تبَيَّن لهم الحقُّ، وعلِموا باطلَ ما كانوا عليه مُقِيمِين؛ مِن شركِهم، وتحريمهم ما كانوا يُحَرِّمون مِن الحُروثِ والأنعامِ -على ما قد بيَّن تعالى ذكرُه فى الآياتِ الماضيةِ قبلَ ذلك-: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا﴾. وما بعدَ ذلك -: لو أراد اللهُ منا الإيمانَ به، وإفرادَه بالعبادةِ دونَ الأوثانِ والآلهةِ، وتحليلَ ما حَرَّم مِن البَحائرِ والسَّوائبِ وغيرِ ذلك مِن أموالِنا- ما جعَلْنا للهِ شريكًا، ولا جعَل ذلك له آباؤُنا مِن قبلِنا، ولا حرَّمْنا ما نُحَرِّمُه مِن هذه الأشياءِ التى نحن على تحريمها مُقِيمون؛ لأنه قادرٌ أن يَحولَ بينَنا وبين ذلك، حتى لا يكونَ لنا إلى فعلِ شيءٍ مِن ذلك سبيلٌ، إما بأن يَضْطَرَّنا إلى الإيمانِ وتركِ الشركِ به، وإلى القولِ بتحليلِ ما حرَّمْنا (٣)، وإما بأن يَلْطُفَ بنا (٤) بتوفيقِه، فنَصِيرَ إلى الإقرارِ بوحْدانيتِه، وتركِ عبادةِ ما دونَه مِن الأندادِ والأصنامِ، وإلى تحليلِ ما حرَّمْنا، ولكنَّه رضِى منا ما نحن عليه مِن عبادةِ الأوثانِ والأصنامِ، واتخاذِ الشريكِ له فى العبادةِ والأندادِ، وأراد ما نُحَرِّمُ مِن الحُروثِ


(١) أخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره ٥/ ١٤١٢ (٨٠٤٦) من طريق أحمد بن المفضل به.
(٢) فى ف: "احتجاجا".
(٣) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "حرمه".
(٤) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "لنا".