للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنَسَخه الله عنهم، فقال: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ (١)

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾. قال: جاء أمرٌ شديدٌ، قالوا (٢): ومَن يَعْرِفُ قَدْرَ هذا أو يَبْلُغُه؟ فلما عَرَف أنه قد اشْتَدَّ ذلك عليهم، نسَخها عنهم، وجاء بهذه الأُخرَى، فقال: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ فنسَخها.

وأما قولُه: ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾. فإن تأويلَه كما حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن قيسِ بن سعدٍ، عن طاوسٍ: ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾. قال: على الإسلامِ وعلى حُرمةِ الإسلامِ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤه: وتعلَّقوا بأسبابِ اللَّهِ جميعًا. يريدُ بذلك تعالى ذكرُه: وَتَمسَّكوا بدينِ الله الذي أمَرَكم به، وعهْدِه الذي عهِده إليكم في كتابِه إليكم، مِن الأُلْفةِ والاجتماعِ على كلمةِ الحقِّ، والتسليمِ لأمرِ اللَّهِ.

وقد دَلَّلْنا فيما مضى قبلُ على معنى الاعتصامِ.

وأما الحبلُ؛ فإنه السببُ الذي يُوصَلُ به إلى البُغْيَةِ والحاجةِ. ولذلك سُمِّى الأمانُ حبلًا؛ لأنه سببٌ يُوصَلُ به إلى زَوالِ الخوف، والنجاة من الجَزَعِ والذعرِ. ومنه قولُ أعشى بنى ثَعْلبةَ (٤):


(١) أخرجه ابن الجوزى في نواسخه ص ٢٤٣ من طريق أحمد بن المفضل به، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٢٢ عقب الأثر (٣٩١١) من طريق عمرو بن حماد عن أسباط به.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت: "قال"، وفى س: "فقال".
(٣) تتمة الأثر المتقدم في ص ٦٣٩، وينظر ص ٦٤١.
(٤) ديوانه ص ٢٩.