للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمنون فثِقُوا، وعليه فتوَكَّلوا، وإليه فارغَبوا دونَ غيرِه (١) يَكْفِكم (٢) مَهَمَّكم، ويَنْصُرُكم على أعدائِكم؛ ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا﴾ يقولُ: وكفاكم وحسْبُكم باللهِ ربَّكُم وَلِيًّا يَلِيكم ويلى أمورَكم بالحياطةِ لكم، والحراسةِ مِن أن يَسْتفِزَّكم أعداؤُكم عن دينِكم، أو يَصُدُّوكم عن اتِّباعِ نبيِّكم؛ ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾ يقولُ: وحَسْبُكم أيضًا باللهِ ناصرًا لكم على أعدائِكم وأعداءِ دينِكم، وعلى مَن بَغاكم الغَوائل، وبَغَى دينَكم العوَجَ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾.

قال أبو جعفرٍ : ولقولِه تعالى ذكره: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ وَجْهان مِن التأويلِ:

أحدُهما: أن يكونَ معناه: ألم تَرَ إلى الذين أُوتوا نَصيبًا مِن الكتابِ مِن الذين هادوا يُحَرِّفون الكَلِمَ. فيكونَ قولُه: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾. مِن صلةِ ﴿الَّذِينَ﴾. وإلى هذا القولِ كانت عامَّةُ أهلِ العربيةِ مِن أهلِ الكوفة يُوَجِّهون قولَه: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ﴾.

والآخَرُ منهما: أن يكونَ معناه: مِن الذين هادوا مَن يُحَرِّفُ الكَلِمَ عن مَواضعِه. فتكونَ "مِن" محذوفةً من الكلامِ؛ اكتفاءً بدلالةِ قولِه: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا﴾. عليها.

وذلك أن "مِن" لو ذُكرت في الكلام كانت بعضًا لـ" مِن"،


(١) في ص، ت ١: "غيركم".
(٢) في الأصل: "يكفيكم".