للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاكتُفِى بدَلالةٍ "مِن" عليها. والعربُ [تَفْعَلُ ذلك إذا ابْتدأت بـ "مِنْ" في مبتدأ الكلامِ] (١)، تقولُ: [مِنَّا يقولُ ذلك، ومِنَّا لا يقولُه] (٢). بمعنى: مِنَّا مَن يقولُ ذلك، ومِنَّا مَن لا يقولُه. فتحذفُ "مَن" اكتفاءً بدلالةِ "مِن" عليه، كما قال ذو الرُّمَّة (٣):

فَظَلُّوا ومنهم (٤) دَمْعُه سابِقٌ (٥) له … وآخَرُ يَثْني (٦) دَمْعَةَ العَيْنِ بالمهلِ (٧)

يعني: ومنهم مَن دَمْعُه. وكما قال اللهُ : ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾ [الصافات: ١٦٤]. وإلى هذا المعنى كانت عامةُ أهلِ العربيةِ مِن أهل البصرةِ يُوجهون تأويلَ قولِه: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ﴾. غير أنهم كانوا يقولون: المُضْمَرُ في ذلك القومُ (٨)، كأن معناه عندَهم: مِن الذين هادوا قومٌ يُحَرِّفون الكَلِمَ، ويقولون: نظيرُ قولِ النابغةِ (٩):

كأنك مِن جِمالِ بنى أُقَيْشٍ … يُقَعْقَعُ خَلْفٌ رِجْلَيهِ بِشَنِّ

يعني: كأنك جَمَلٌ مِن جِمالِ بني أُقَيْشٍ.

فأمَّا [نحويو الكوفيين] (١٠) فيُنْكِرون [أن يكونَ] (١١) المُضْمَرُ مع "مِن" إلا


(١) سقط مِن: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، ص.
(٢) في ص: "ذلك ومثالا بقوله"، وفى م: "منا من يقول ذلك، ومنا لا يقوله".
(٣) شرح ديوان ذي الرمة ١/ ١٤١.
(٤) بعده في ص، ت ١: "من".
(٥) في الأصل: "سائق".
(٦) في م: "يذرى". ويثني: يصرف. اللسان (ث ن ي).
(٧) في ص، ت ١: "بالهمل". وبالمهل: بالسكينة والتؤدة والرفق. اللسان (م هـ ل).
(٨) في الأصل: "القول".
(٩) تقدم في ١/ ١٧٩.
(١٠) في الأصل: "تحرير الكوفيين". وفي م: "نحويو الكوفة".
(١١) سقط من: الأصل.