للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معناه.

فتأويل الكلام إذن: ولا يزالُ الذين كفروا في مريةٍ منه حتى تأتيهم الساعةُ بغتةً، فيصيروا إلى العذاب الدائمِ، أو يأتيهم عذاب يوم عقيم لهم، فلا يُنظَروا فيه إلى الليل، ولا يُؤخَّروا فيه إلى المساء، لكنهم يُقتلون قبل المساء.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٥٦) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (٥٧)﴾.

يقول تعالى ذكره: السلطانُ والمُلكُ إذا جاءت الساعة لله وحده لا شريك له، ولا ينازعه يومئذ منازعٌ. وقد كان في الدنيا ملوكٌ يُدعون بهذا الاسم، ولا أحد يومئذٍ يُدعَى ملكًا سواه، ﴿يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾. يقولُ: يفصل بين خلقه المشركين به والمؤمنين؛ فالذين آمنوا بهذا القرآن، وبمن أنزَله، ومن جاء به، وعملوا بما فيه من حلالِه وحرامِه، وحدودِه وفرائضِه، فى جناتِ النعيم يومئذٍ.

والذين كفروا بالله ورسوله (١)، وكذّبوا بآياتِ كتابه وتنزيله، وقالوا: ليس ذلك من عند الله، إنما هو إفكٌ افتراه محمدٌ، وأعانه عليه قومٌ آخرون، ﴿فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾. يقولُ: فالذين هذه صفتهم لهم عند الله يوم القيامةِ ﴿عَذَابٌ مُهِينٌ﴾. يعنى: عذابٌ مذلٌّ في جهنم.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٥٨)﴾.

يقول تعالى ذكره: والذين فارقوا أوطانهم وعشائرهم، فتركوا ذلك في


(١) في ت ٢: "رسله".