للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولِ القائلِ: ثَبَّتُّ فلانًا في هذا الأمرِ: إذا صحَّحْتَ عزمَه وحقَّقْتَه وقَوَّيْتَ فيه رأْيَه، أُثَبِّتُه تثبيتًا، كما قال ابن رَوَاحةَ (١):

فَثَبَّتَ اللَّهُ ما آتاكَ مِنْ حَسَنٍ … تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِى نُصِرُوا

وإنما عنَى اللَّهُ جل ثَناؤُه بذلك أن أنفسَهم كانت مُوقِنةً مُصَدِّقةً بوعدِ اللَّهِ إيَّاها فيما أَنفقتْ في طاعتِه بغيرِ منٍّ ولا أذًى، فثبَّتُّهم في إنفاقِ أموالِهم ابتغاءَ مرضاةِ اللَّهِ، وصحَّحتُ عَزْمَهم وآراءَهم يقينًا منها بذلك، وتصديقًا بوعدِ اللَّهِ إيَّاها ما وعَدها. ولذلك قال مَن قال مِن أهلِ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿وَتَثْبِيتًا﴾: وتصديقًا. ومن قال منهم: ويقينًا؛ لأن تثبيتَ أنفسِ المنفِقين أموالَهم ابتغاءَ مرضاةِ اللَّهِ إيَّاهم، إنما كان عن يقينٍ منها، وتصديقٍ بوعدِ اللَّهِ جلّ وعزّ.

ذِكرُ من قال ذلك من أهلِ التأويلِ

حدَّثنا ابن بشَّارٍ، قال: ثنا يحيى، عن سفيانَ، عن أبي موسى، عن الشعبيِّ: ﴿وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ قال: تصديقًا وتَيْقينًا (٢).

حدَّثنا أحمدُ بنُ إسحاقَ الأَهْوازيُّ، قال: ثنا أبو أحمدَ، قال: ثنا سفيانُ، عن أبي موسى، عن الشعبيِّ: ﴿وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾. قال: وتصديقًا من أنفسِهم.


(١) ديوانه ص ١٥٩.
(٢) أخرجه ابن زنجويه في الأموال (٢٣١٦)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥١٩، ٥٢٠ (٢٧٥٥، ٢٧٥٦) من طريق سفيان به، وسقط من عند ابن زنجويه ذكر سفيان.