للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (٥٠)﴾.

يقول تعالى ذكرُه: وقال أهل جهنم لخزنتها وقُوَّامِها؛ استغاثةً بهم من عظيم ما هم فيه من البلاء، ورجاءً أن يجدوا من عندهم فَرَجًا: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ﴾ لنا، ﴿يُخَفَّفَ عَنَّا يَوْمًا﴾ واحدًا، يعنى: قَدْرَ يوم واحدٍ من أيامٍ الدنيا، ﴿مِّنَ الْعَذَابِ﴾ الذي نحن فيه.

وإنما قلنا: معنى ذلك: قَدْرَ يومٍ من أيامِ الدنيا؛ لأن (١) الآخرة يوم لا ليلَ بعده (٢) فيقال: خَفِّف عنهم يوما واحدا.

وقوله: ﴿قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيَّنَتِ﴾. يقول تعالى ذكره: قالت خَزَنةُ جهنم لهم: أو لم تَكُ تأتيكم في الدنيا رُسُلُكم بالبينات من الحججِ على توحيدِ اللهِ، فتُوحِّدوه وتؤمِنوا به وتَتبرَّءُوا مما دونَه مِن الآلهة؟ قالوا: بلى، قد أتثنا رُسُلُنا بذلك.

وقوله: ﴿قَالُوا فَادْعُوا﴾. يقولُ جلَّ ثناؤه: قالت الخزنة لهم: فادْعُوا إذن ربَّكم الذي أَتَتكم الرسلُ بالدعاء إلى الإيمان به.

وقوله: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (٥٠)﴾. يقولُ: فَدَعَوا (٣)، وما دعاؤُهم إلا في ضلال؛ لأنَّه دعاء لا ينفعهم ولا يجاب (٤) لهم، بل يقال لهم: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلَّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨].

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي


(١) بعده في م: "يوم".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فيه".
(٣) في ص، م، ت ١، ٢، ت ٣: "قد دعوا".
(٤) في م: "يستجاب".