للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَبِّهِمْ﴾. يَعْنى: مذخورٌ ذلك لهم لديه، حتى يَصيروا إليه في القيامةِ فيُوَفِّيَهم ذلك، ﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾. وسرعةُ حسابه تعالى ذكرُه أنه لا يَخْفَى عليه شيءٌ من أعمالهم قبل أن يَعْمَلوها وبعد ما عملوها، فلا حاجة به إلى إحصاء عدد ذلك، فيقع في الإحصاء إبطاءٌ، فلذلك قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾.

القول في تأويل قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾.

اختلف أهلُ التأويل في تأويل ذلك؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: اصبِروا على دينكم، وصابروا الكفار ورابطوهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا المثنى، قال: ثنا سويدُ بن نصرٍ، قال: أخْبرَنا ابن المبارك، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن أنه سمعه يقولُ في قولِ اللهِ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾. قال: أمرهم أن يصبروا على دينهم، فلا يَدَعوه لشدّةٍ ولا رخاءٍ، ولا سرَّاءَ ولا ضرَّاءَ، وأمرهم أن يُصابروا الكفارَ، وأن يُرابطوا المشركين (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قولَه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾. أي: اصبروا على طاعة الله، وصابِروا أهل الضلالة، ورابطوا في سبيل الله، ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (٢).


(١) الجهاد لابن المبارك (١٧٠)، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٤٧ (٤٦٩٠) من طريق المبارك بن فضالة.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١١٤ إلى المصنف وعبد بن حميد.