للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾: حرَّقوهم (١).

وقولُه: ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا﴾. يقولُ: ثم لم يتوبوا من كفرهم، وفعلهم الذي فعَلوا بالمؤمنين والمؤمنات من أجل إيمانهم باللهِ، فَلَهُمْ ﴿فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ في الآخرة، ﴿وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ في الدنيا.

كما حدَّثت عن عمارٍ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ: ﴿فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾: في الآخِرَةِ، ﴿وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾: في الدنيا (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢)

يقول تعالى ذكرُه: إِنَّ الذين أَقَرُّوا بتوحيدِ اللهِ؛ وهم هؤلاء القومُ الذين حرَّقهم أصحابُ الأخدودِ، وغيرُهم مِن سائرِ أهلِ التوحيدِ، ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. يقولُ: وعمِلوا بطاعةِ اللهِ، واتَّمَروا لأمرِه، وانتهَوا عما نهاهم عنه، ﴿لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. يقولُ: لهم في الآخرةِ عندَ اللهِ بساتينُ تجرى مِن تحتها الأنهارُ والخمرُ واللبنُ والعسلُ، ﴿الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾. يقولُ: هذا الذي [هو لهؤلاءِ] (٣) المؤمنين في الآخرةِ، هو الظُّفَرُ الكبيرُ بما طلَبوا والتمَسوا بإيمانِهم باللهِ في الدنيا، وعملِهم بما أمَرهم اللهُ به فيها ورَضِيه منهم.

وقولُه: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : إِنَّ


(١) ينظر تفسير ابن كثير ٨/ ٣٩٣.
(٢) ذكره الطوسي في التبيان ١٠/ ٣١٨، والآلوسى في روح المعاني ٣٠/ ١٦٣.
(٣) في ص، ت ٢، ت ٣: "هؤلاء"، وفي ت ١: "لهؤلاء".