للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذ كان ذلك كذلك، وكانت الأصنامُ التي كانت (١) الجاهليةُ تَعْبُدُها، كانت مُعَظَّمةً بالعبادةِ مِن دونِ اللهِ، فقد كانت جُبُوتًا وطواغيت. وكذلك الشياطينُ التي كانت الكفارُ تُطِيعُها في معصيةِ الله، وكذلك الساحرُ والكاهنُ اللذان كان مقبولًا منهما ما قالا في أهل الشرك بالله. وكذلك حُيَيُّ بنُ أَخطبَ وكعبُ بن الأشرف؛ لأنهما كانا مُطاعَين في أهلِ مِلَّتِهما من اليهود في معصية الله والكفر به وبرسوله، فكانا جبتيَن طاغوتين (٢).

وقد بيَّنتُ الأصلَ الذي منه قيل للطاغوت: طاغوتٌ. بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع (٣).

القولُ في تأويل قوله جل ثناؤُه: ﴿وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (٥١)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يعنى بذلك جل ثناؤُه: ويقولون للذين جحَدوا وحدانية الله ورسالة رسولِه محمدٍ : ﴿هَؤُلَاءِ﴾ يعنى بذلك: هؤلاء (٤) الذين وصفهم الله بالكفر، ﴿أَهْدَى﴾. يعنى: أقوم وأعدلَ، ﴿مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [يعنى: من الذين] (٥) صَدَّقوا الله ورسوله، وأقرُّوا بما جاءهم به نبيُّهم محمدٌ ، ﴿سَبِيلًا﴾. يعنى: طريقًا.

وإنما ذلك مَثَلٌ، ومعنى الكلامِ أن الله جل ثناؤُه وَصَف الذين أُوتوا نصيبًا مِن


(١) بعده في الأصل: "في".
(٢) في م: "وطاغوتين".
(٣) ينظر ما تقدم في ٤/ ٥٥٨، ٥٥٩.
(٤) بعده في الأصل: "يعنى".
(٥) في الأصل: "أي".