للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفرٍ: فعلى التأويلِ الذى تأوَّل "آدمَ" مَن تأَوَّله بمعنى أنه خُلِق مِن أَدِيمِ الأرضِ، يَجِبُ أن يكونَ أصلُ "آدمَ" فعلًا سُمِّىَ به أبو البَشرِ، كما سُمِّىَ أحمدُ بالفِعلِ من الإحْمادِ، وأسعدُ مِن الإِسعادِ، فلذلك لم يُجْرَ (١). ويَكونُ تأويلُه حينَئذٍ: آدَمَ المَلَكُ الأرضَ. يعنى به: بلَغ أَدَمَتَها -وأَدَمَتُها: وجهُها الظاهرُ لرَأْىِ العينِ، كما (٢) جِلْدةُ كلِّ [ذى جِلدٍ] (٣) له أَدَمةٌ، ومِن ذلك سُمِّىَ الإدامُ إدامًا؛ لأنه صار كالجِلْدةِ العليا مما هى منه- ثم نُقِل مِن الفعلِ فجُعِل اسمًا للشخصِ بَعيْنِه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾.

قال أبو جعفرٍ: اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في الأسماءِ التى علَّمَها آدمَ ثم عرَضها على الملائكةِ؛ فقال ابنُ عباسٍ بما حدَّثنا به أبو كرَيْبٍ، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا بشرُ بنُ عُمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضَّحّاكِ، عن ابنِ عباسٍ، قال (٤): علَّم اللهُ آدمَ الأسماءَ كلَّها، وهى هذه الأسماءُ التى يَتَعارَفُ بها الناسُ؛ إنسانٌ، ودابةٌ، وأرضٌ، وسهلٌ، وبحرٌ، وجبلٌ، وحمارٌ، وأشباهُ ذلك مِن الأممِ وغيرِها (٥).

حدَّثنا محمدُ بنُ عمرٍو، قال: حدَّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدَّثنا عيسى، وحدَّثنى المُثنَّى، قال: حدَّثنا أبو حُذَيْفةَ، قال: حدَّثنا شِبْلٌ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجاهدٍ


(١) أي لم يُصْرف، والإجراء الصرف. ينظر المصطلح النحوى ص ١٦٦.
(٢) بعده في م: "أن".
(٣) في ص: "شيء".
(٤) في ت ١، ت ٢: "فلما".
(٥) تقدم بتمامه في ص ٤٨٢ - ٤٨٥.