للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذُكر عن أبي نَهِيكِ في ذلك ما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبد المؤمن، قال: سمعت أبا نَهيك يقرأ (١): (وأنْ يَحشُرَ النَّاسَ ضُحًى): يعنى فرعون يحشُرُ قومه (٢).

وقوله: ﴿فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ﴾. يقول تعالى ذكره: فأدبر فرعون معرضًا عما أتاه به من الحقِّ، ﴿فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾. يقولُ: فجمَع مَكرَه، وذلك جمعُه سَحَرتَه (٣) بعد أخذه إياهم بتعلُّمه، ﴿ثُمَّ أَتَى﴾. يقول: ثم جاء للموعدِ الذي وعده موسى، وجاء بسَحَرَته.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (٦١)﴾.

يقول تعالى ذكره: قال موسى للسحرة لما جاء بهم فرعون: ﴿وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾. [يقولُ: لا تختلقُوا على الله كذبًا] (٤)، ولا تتقوَّلوه، ﴿فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ﴾. يقولُ: فيستأصِلَكم بهلاكٍ فيُبيدكم.

وللعرب فيه لغتان: سَحَت، وأسحَت، وسخت أكثرُ مِن أسحَت، يقالُ منه: سحت الدهرُ والحدَثُ (٥) مالَ فلانٍ، إذا أهلَكه، فهو يَسحَتُه سَحْتًا، وأَسحَته يُسحِتُه إسحانًا. ومن الإسحاتِ قول الفرزدق (٦):


(١) في ص، م، ت ١، ف: "يقول".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٠٣ إلى ابن أبي حاتم، وفيه أن قراءته بالتاء، وهما قراءتان عنه، وبالياء والتاء قرأ ابن مسعود والجحدري وأبو عمران الجونى وعمرو بن فائد. البحر المحيط ٦/ ٢٥٤. وهما قراءتان شاذتان.
(٣) في ت ٢: "حرته".
(٤) سقط من: ت ٢٠.
(٥) في م، ت ١: "أسحت"، وفي ت ٢: "احدت".
(٦) تقدم تخريجه في ٨/ ٤٣٥.