للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدنيا من مُكَذِّبِيهم بعد وفاةِ رسولنا من بعدِ مَهْلِكهم، كالذي فعلنا مِن نُصْرتِنا شَعْيا بعدَ مَهْلكه، بتَسْليطنا على قَتَلتِه مَن سلَّطنا حتى انتصَرنا بهم من قَتلته، وكفعلنا بقتلة يحيى، مِن تَسْليطنا بُخْتَنَصَّرَ عليهم حتى انتصرنا به [وبجنده] (١) من قتلته (٢) له، وكانتصارنا لعيسى مِن مُريدى قتله بالروم حتى أهلكناهم بهم.

فهذا أحد وجهَيه. وقد كان بعض أهل التأويل يُوجِّه معنى ذلك إلى هذا الوجه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السُّديِّ قولَ اللهِ: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. قال: قد كانت الأنبياء والمؤمنون يُقْتَلون في الدنيا، وهم مَنْصُورون، وذلك أن تلك الأمة التي تفعل ذلك بالأنبياء والمؤمنين لا تذهب حتى يبعث الله قومًا، فينتصر بهم لأولئك الذين قتلوا منهم (٣).

والوجه الآخرُ أن يكون هذا الكلام على وجه الخبر عن الجميع من الرسل والمؤمنين، [والمعنيُّ به خاصٌّ من الرسل والمؤمنين] (٤)، فيكون تأويل الكلام حينئذٍ: إنا لننصُرُ رسولنا (٥) محمدًا ﷺ والذين آمنوا به في الحياة الدنيا، ويوم يقومُ الأشهادُ، كما قد بيَّنا فيما مضَى أن العرب تُخرج الخبر بلفظ الجميعِ، والمراد واحدٌ إذا لم تَنْصِبْ للخبرِ شخصًا بعَيْنِه (٦).


(١) سقط من: م.
(٢) في م: "قتله".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٥٢ إلى ابن أبي حاتم.
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت: ٣: "والمراد واحد".
(٥) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "رسلنا".
(٦) ينظر ما تقدم في ١/ ٥٣٤.