للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتمنَّى اليهودُ الموتَ أبدًا، ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾. يعني: بما اكْتَسبوا في هذه الدنيا مِن الآثامِ، واجْتَرحوا مِن السيئاتِ، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾. يقولُ: واللَّهُ ذو علمٍ بمن ظلَم مِن خلْقِه نفسَه، فأَوْبَقها بكفرِه باللَّهِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قُلْ يا محمدُ لليهودِ: إن الموتَ الذي تَفِرُّون منه فتكرَهونه، وتأْبَون أن تتمنَّوه، فإنه مُلاقِيكُم ونازلٌ بكم، ﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾. يقولُ: ثم يردُّكم ربُّكم مِن بعدِ مماتِكم إلى عالمِ الغيبِ والشهادةِ، عالمِ غيبِ السماواتِ والأرضِ، ﴿وَالشَّهَادَةِ﴾. يعني: وما شُهِد فظهَر لرأْيِ العينِ، ولم يَغِبْ عن أبصارِ الناظرين.

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، قال: تلا قتادةُ: ﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾. فقال: إنَّ اللَّهَ أذلَّ ابنَ آدمَ بالموتِ. لا أعلمُه إلا رفَعه (١).

﴿فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. يقولُ: فيخبرُكم حينئذٍ بما كنتم في الدنيا تعملون مِن الأعمال؛ سيِّئِها وحَسنِها؛ لأنه محيطٌ بجميعِها، ثم يجازيكم على ذلك؛ المحسنَ بإحسانِه، والمسيءَ [بما هو أهلُه] (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٩١ عن معمر به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره - كما في تفسير ابن كثير ٨/ ٢٠٣ - من طريق خليد، عن قتادة مرفوعا دون شك، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢١٦ إلى ابن المنذر، وعزاه في ٦/ ٢٤٧ إلى عبد بن حميد.
(٢) في ص: "بإساءته".