للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكةُ. وأُخرِج الخبرُ عن القريةِ والمرادُ به أهلُها.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ﴾. قال: هي مكةُ.

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ﴾. قال: قريَتُه مكةُ (١).

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا المعتمرُ بنُ سليمانَ، عن أبيه، عن حَنَشٍ (٢)، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ، أن نبيَّ اللهِ لما خرَج من مكةَ إلى الغارِ، أُراه قال: التفَت إلى مكةَ، فقال: "أنتِ أحبُّ بلادِ اللهِ إلى اللهِ، وأنتِ أحبُّ بلادِ اللهِ إليَّ، فلو أنَّ المشركين لم يُخرِجونى لم أَخْرُجُ منكِ، فأعتى الأعداءِ مَن عتا على اللهِ في حرَمِه، أو قتَل غيرَ قاتلِه، أو قتَل بذُّحولِ (٣) الجاهلِيةِ". فأنزَل اللهُ : ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ﴾ (٤).

وقال جلَّ ثناؤُه: ﴿أَخْرَجَتْكَ﴾. فأُخرِج الخبرُ عن القريةِ؛ فلذلك أُنِّث، ثم قال: ﴿أَهْلَكْنَاهُمْ﴾؛ لأن المعنى في قولِه: ﴿أَخْرَجَتْكَ﴾. ما وصَفتُ من أنه أُريدَ


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٢٢ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٤٨، ٤٩ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) في م، ت ١: "حبيش". ينظر تهذيب الكمال ٦/ ٤٦٥.
(٣) الذحول: جمع ذحْل؛ وهو الحقد، والثأر. الوسيط (ذ ح ل).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في تفسير ابن كثير ٧/ ٢٩٤ - من طريق ابن عبد الأعلى به، وأخرجه أبو يعلى - كما في المطالب العالية (٤١٠٣) - عن المعتمر بن سليمان به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٤٨ إلى عبد بن حميد وابن مردويه.