للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بآياتِنا، وتكْذيبِهم رسولَنا، ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُمْ﴾. يقولُ: أَيَّ شيءٍ أغنَى عنهم التأخيرُ الذي أخَّرْنا في آجالِهم، والمتاعُ الذي مَتَّعْناهم به مِن الحياةِ، إذ (١) لم يُتوبوا مِن شِرْكِهم؟ هل زادَهم تَمتِيعُنا إياهم ذلك إلا خبالًا، وهل نَفَعهم شيئًا؟ بل ضَرَّهم بازديادِهم مِن الآثامِ واكْتسابِهم من الأجرامِ ما لو لم (٢) يُمَتَّعوا لم يَكْتَسِبوه.

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ﴾. إلى قولِه: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾. قال: هؤلاء أهلُ الكفرِ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (٢٠٩) وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ومَا أَهْلَكْنا مِن أهلِ (٤) قريةٍ من هذه القرى التي وَصَفت (٥) في هذه السورةِ (٦)، ﴿إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ﴾. يقولُ: إلا بعدَ إرسالِنا إليهم رسلًا يُنذِرونهم بأسَنا على كفرِهم، وسُخْطَنا عليهم. ﴿ذِكْرَى﴾. يقولُ: إلا لها مُنذِرون يُنذِرونهم، تذكرةً لهم وتنبيهًا لهم على ما فيه النجاةُ لهم من عذابِنا.

ففى "الذكرى" (٧) وجهان مِن الإعرابِ؛ أحَدُهما النَّصْبُ على المصدَرِ مِن


(١) في ت ٢، ف: "إن".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ق ٢، ف.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨٢٣ من طريق أصبغ، عن ابن زيد.
(٤) سقط من: م.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢: "وصف".
(٦) في م: "السور"، وبعده في ت ٢: "يقول".
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "الذكر".