للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقام في موضعِه فهو في مَقامٍ واسع. كما قال جلّ ثناؤه: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ﴾ [الدخان: ٥١]. من: قام يَقُومُ. ولو أُريد به الإقامةُ لقُرِئَ: (إِنَّ المُتَّقِينَ في مُقَامٍ أمينٍ). كما قُرِئَ ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾ [الإسراء: ٨٠]، بمعنى الإدخالِ والإخراجِ، ولم يَبْلُغْنا عن أحدٍ أنه قرَأ: مَدْخَلَ صِدْقٍ (١)، ولا: مَخْرَجَ صِدْقٍ. بفتحِ الميمِ.

وأما المُدْخَلُ الكريمُ فهو الطيبُ الحسنُ، المكرَّمُ بنَفْيِ الآفاتِ والعاهاتِ عنه، وبارتفاعِ الهمومِ والأحزانِ ودخولِ الكَدَرِ في عيشِ مَن دَخَلَه، فلذلك سَمَّاه اللهُ كريمًا.

كما حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (٣١)﴾. قال: الكريمُ هو الحسَنُ في الجنةِ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾.

يَعْنى بذلك جلَّ ثناؤه: ولا تَتَشَهَّوْا ما فضَّل اللهُ به بعضَكم على بعضٍ. وذُكِر أن ذلك نزَل في نساءٍ تَمَنَّيْنَ منازلَ الرجالِ، وأن يَكُونَ لهم ما لهم، فنهَى اللهُ عبادَه عن الأمانيِّ الباطلةِ، وأمرهم أن يسألوه مِن فضلِه، إذْ كانت الأمانيُّ تُوَرِّثُ أَهلَها الحسدَ والبَغْيَ بغيرِ الحقِّ.

ذكرُ الأخبارِ بما ذَكَرنا

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا مُؤَمَّلٌ، قال: ثنا سفيانُ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: قالت أمُّ سَلَمةَ: يا رسولَ اللهِ، لا نُعْطَى الميراثَ، ولا نَغْزُو في


(١) سقط من: ص، ت ١، س.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٣/ ٩٣٤ (٥٢٢١) من طريق أحمد بن المفضل به.