للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلتاهما خبرٌ عن رسولِ اللهِ، وعما بُعِث به، فأولى ما بينَهما أن يكونَ في معنى ما قبلَه وما بعدَه، إذ لم يكنْ معنًى يَدُلُّ على انصرافِه عما قبلَه وعما بعدَه، فالذى قبلَ هذه الآيةِ قولُه: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٨٢) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا﴾، وما بعدَه ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا﴾، وهو رسولُها. فإذ كان ذلك كذلك، فمعنى الآيةِ: يَعْرِفُ هؤلاء المشركون باللهِ نعمةَ اللهِ عليهم يا محمدُ بك، ثم يُنكِرونك، ويَجْحَدون نبوّتك، ﴿وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾. يقولُ: وأكثرُ قومِك الجاحِدون نبوّتَك، لا (١) المُقِرُّون بها.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٨٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يَعْرِفون نعمةَ اللهِ ثم يُنْكِرونها اليومَ، ويَسْتنكِرون ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا﴾، وهو الشاهدُ عليها بما أجابَت داعيَ اللهِ، وهو رسولُهم الذي أُرْسِل إليهم، ﴿ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾. يقولُ: ثم لا يُؤْذَنُ للذين كفَروا في الاعتذارِ، فيَعْتَذِروا مما كانوا باللهِ وبرسولِه يَكفُرون، ﴿وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ فيُترَكوا [والرجوعَ] (٢) إلى الدنيا، فيُنِيبوا ويَتُوبوا، وذلك كما قال تعالى ذكرُه: ﴿هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات: ٣٥، ٣٦].

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا﴾، وشاهدُها نبيُّها، على أنه قد بلَّغ رسالاتِ ربِّه، قال اللهُ تعالى:


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ف: "الرجوع".