للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورُكوبُها وألبانُها ولحومُها.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ولكم في هذه الأنعام والمواشي التي خَلَقها اللهُ لكم ﴿جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ﴾. يعني: تَرُدُّونَها بالعشيِّ من مسارحِها إلى مُراحِها ومنازلِها (١) التي تأوِى إليها، ولذلك سُمِّى المكانُ المُراحَ، لأنها تُراحُ إليه عشاءً (٢)، فتأوى إليه، يقالُ منه: أراح فلانٌ ماشيتَه، فهو يُريحُها إراحةً. وقولُه: ﴿وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾. يقولُ: وفى وقتِ إخراجِكموها غُدوةً مِن مُراحِها إلى مسارحِها، يقالُ منه: سَرَّح فلانٌ ماشيتَه يُسَرِّحُها تَسريحًا [وشروحا] (٣)، إذا أخرَجها للمرعى (٤) غُدْوةً، وسرَحت الماشيةُ: إذا خرَجت للمرعى، تَسْرَح سرْحًا [وسُرُوحا] (٥) فالسَّرْحُ بالغداةِ، والإراحةُ بالعشيِّ، ومنه قولُ الشاعرِ (٦):

كأنَّ بقايا الأثرِ (٧) فوق مُتُونِه … مَدَبُّ الدَّبَى (٨) فوقَ النّقا (٩) وَهْوَ سارحُ


(١) في ص: "مباركها".
(٢) في م: "عشيا".
(٣) سقط من: م.
(٤) في ص، ت ٢، م: "للرعى".
(٥) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف
(٦) البيت أورده الفراء غير منسوب. معاني القرآن ٣/ ٢١٠.
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "الأثن"، وفى م: "الأتن" والصواب المثبت، وهو موافق لما في معاني القرآن، وما سيأتي في تفسير الآية (١٠) من سورة القيامة.
(٨) في ت ١: "الذي"، والدبى: الجراد قبل أن يطير، وقيل: الدبى أصغر ما يكون من الجراد والنمل. وقيل: الجراد أول ما يكون سِرْوٌ، وهو أبيض، فإذا تحرك واسْوَدَّ فهو دَبى قبل أن تنبت أجنحته. اللسان (د ب ى).
(٩) النقا: كثيب الرمل. اللسان (ن ق ى).