للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ﴾. يقولُ: وإن للمُتَّقين الذين اتقوا الله فخافوه؛ بأداءِ فرائضِه، واجتنابِ معاصِيه - لحسنَ مَرْجِعٍ يَرْجِعون إليه في الآخرة، ومَصيرٍ يَصيرون إليه.

ثم أخبرَ تعالى ذكرُه عن ذلك الذي وعَدهم من حُسْنِ المآبِ ما هو، فقال: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ﴾.

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ قولَه: ﴿وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ﴾. قال: لحسنَ مُنْقَلبٍ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (٥٠) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (٥١)﴾.

قولُه تعالى ذكرُه: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾: بيانٌ عن حسنِ المآبِ وترجمةٌ عنه، ومعناه: بساتينُ إقامةٍ. وقد بيَّنا معنى ذلك بشواهدِه، وذكَرْنا ما فيه من الاختلافِ فيما مضَى، بما أغنى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢).

وقد حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾. قال: سأَل عمرُ كعبًا: ما عَدْنٌ؟ قال: يا أميرَ المؤمنين، قصورٌ في الجنةِ من ذهبٍ، يَسْكُنُها النبيُّون والصدِّيقون والشُّهداءُ وأئمةُ العدلِ (٣).

وقولُه: ﴿مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ﴾. يعنى: مُفتَّحَةً لهم أبوابُها. وأُدخِلت الألفُ واللامُ في الأبوابِ بدلًا من الإضافةِ، كما قيل: ﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾


(١) تقدم تخريجه في ٥/ ٢٦٧.
(٢) ينظر ما تقدم في ١١/ ٥٥٩ - ٥٦٤.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٧٨ عن معمر عن قتادة. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٤٧ إلى عبد بن حميد.