للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجعِ، وكان لا يُؤْذيه بالنهارِ، فحلَف لكن شفاه اللهُ لا يأكلُ عرقًا أبدًا. وذلك قبلَ أن تُنزَّلَ التوراةُ، فقال اليهودُ للنبيِّ : نَزَلَتِ التوراةُ بتحريمِ الذي حرَّم إسرائيلُ على نفسِه. قال اللهُ لمحمدٍ : ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. وكذَبوا، ليس في التوراةِ (١).

قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوالِ في ذلك عندَنا بالصوابِ (٢): قولُ من قال: معنى ذلك: كلُّ الطعامِ كان حِلًّا لبنى إسرائيلَ مِن قبلِ أن تنزَّلَ التوراةُ، إِلَّا ما حرَّم إسرائيلُ على نفسِه، من غيرِ تحريمِ اللهِ ذلك عليه، فإنه كان حرامًا عليهم بتحريمِ أبيهم إسرائيلَ ذلك عليهم، من غيرِ أن يُحَرِّمَه اللهُ عليهم في تنزيلٍ، ولا بوحيٍ قبلَ التوراةِ، حتى نَزَلَتِ التوراةُ، فحرَّم اللهُ عليهم فيها ما شاء، وأحلَّ لهم فيها ما أَحبَّ. وهذا قولٌ قالتْه جماعةٌ من أهلِ التأويلِ، وهو معنى قولِ ابن عباسٍ الذي ذكَرْناه قبلُ.

ذكرُ بعض مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ﴾: وإسرائيلُ هو يعقوبُ، ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. يقولُ: كلُّ الطعامِ كان حِلًّا لبنى إسرائيلَ مِن قبل أن تُنزَّلَ التوراةُ، إلا ما حرَّم إسرائيلُ على نفسِه، فلمّا أَنْزَل اللهُ التوراةَ حرَّم عليهم فيها [ما شاء] (٣)، وأحلَّ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٠٦ (٣٨٢٣) من طريق ابن جريج عن ابن عباس ببعضه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٥٢ إلى ابن المنذر، مطولًا.
(٢) بعده في ص، ت ١، س: "أن".
(٣) في ص، ت ١، س: "أشياء".