للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُؤْتُوهم حقوقَهم التى ألزمَها اللهُ ﷿ أموالَكم.

و"المسكينُ" هو المُتَخَشِّعُ المُتَذَلِّلُ مِن الفاقةِ والحاجةِ، وهو "مِفْعِيلٌ" مِن المَسْكَنَةِ، والمسكنةُ هى ذُلُّ الحاجةِ والفاقةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾.

إن قال لنا قائلٌ: كَيف قيل: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾. فأُخْرِج الكلامُ أمرًا ولمَّا يَتَقَدَّمْه أمرٌ، بل الكلامُ جارٍ مِن أوَّلِ الآيةِ مَجْرَى الخبرِ؟

قيل: إن الكلامَ وإن كان قد جرَى في أولِ الآيةِ مَجْرَى الخبرِ، فإنه مِمَّا يَحْسُنُ في موضعهِ الخطابُ بالأمرِ والنهىِ، فلو كان مكانَ ﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ﴾، "لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ". على وجْهِ النهىِ مِن اللهِ لهم عن عبادةِ غيرِه - كان حسنًا صوابًا، وقد ذُكِر أن ذلك كذلك في قراءةِ أُبَىِّ بنِ كعبٍ (١)، وإنما حسُن ذلك وجاز لو كان مقروءًا به؛ لأن أخذَ الميثاقِ قولٌ، فكأنَّ (٢) معنى الكلامِ -لو كان مقروءًا كذلك-: وإذ قلنا لبنى إسرائيلَ: لا تعبُدوا إلا اللهَ. كما قال جلَّ ثناؤُه في موضعٍ آخرَ: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ [البقرة: ٦٣]. [فتُلُقِّى ذلك بالأمرِ، كما تقولُ: قُلنا لهم: خُذوا ما آتيناكم بقوةٍ] (٣). فلما كان حَسَنًا وضعُ الأمرِ والنهىِ في موضعِ ﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ﴾ عطَف بقولِه: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ على موضع ﴿تَعْبُدُونَ﴾ (٤) -وإن كان مخالفًا لفظُ (٥) كُلِّ واحدٍ منهما ومعناه معنى صاحبِه (٦) - لما وصَفنا مِن جوازِ وضعِ الخطابِ بالأمرِ والنهىِ موضعَ


(١) وهى قراءة شاذة، ينظر البحر المحيط ١/ ٢٨٢.
(٢) في م: "فكان".
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لا تعبدون".
(٥) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٦) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ما فيه".