للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البلاغُ، ﴿وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾. يقولُ: يُهْلِكُكم ربِّي، ثم يَسْتَبْدِلُ ربِّي منكم قومًا غيرَكم، يُوحِّدونه ويُخْلِصون له العبادةَ، ﴿وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا﴾. يقولُ: ولا تَقْدِرون له على ضُرٍّ إذا أرادَ هلاكَكم (١) أو أهْلَكَكم.

وقد قيل: لا يَضُرُّه هَلاكُكم إذا أهْلَكَكم، لا تُنْقِصونه شيئًا؛ لأنه سواءٌ عندَه كنتم أو لم تكونوا. ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾. يقولُ: إن ربِّي على جميعِ خلقِه ذو حفظٍ وعلمٍ، يقولُ: هو الذي يَحْفَظُني مِن أن تَنالوني بسُوءٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (٥٨)﴾.

يقولُ ﷿: ولمَّا جاء قومَ هودٍ عذابُنا ﴿نَجَّيْنَا﴾ منه ﴿هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ بِاللَّهِ ﴿مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا﴾. يعني: بفضلٍ منه عليهم ونعمةٍ، ﴿وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾. يقولُ: و (٢) نجَّيناهم أيضًا مِن عذابٍ غليظٍ يومَ القيامةِ، كما نَجَّيناهم في الدنيا مِن السَّخْطةِ التي أنزلناها (٣) بعادٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (٥٩)﴾.

يقولُ ﷿: [وهؤلاء] (٤) الذين أَحْلَلنا بهم نِقْمَتَنا وعذابَنا عادٌ، جَحَدوا [بحُجَجِ اللَّهِ وأدلتِه] (٥)، وعَصَوا رُسُلَه الذين أرسَلهم إليهم، للدعاءِ إلى توحيدِه واتباعِ أمرِه، ﴿وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾. يعني: كلِّ مُسْتكبرٍ


(١) في م: "إهلاككم".
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "أنزلتها".
(٤) في الأصل: "هؤلاء".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "بأدلة الله وحججه".