للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢)﴾.

اختلفتِ القرأَةُ فى قراءةِ قولِه: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ والبصرةِ: (وأنَّ). بالفتحِ (١)، بمعنى: إنى بما تَعملون عليمٌ، وأنَّ هذه أمَّتُكم أمةً واحدةً. فعلى هذا التأويلِ "أنَّ" في موضعِ خفضٍ، عُطف بها على "ما" من قولِه: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾. وقد يحتِملُ أن تكونَ في موضعِ نصبٍ إذا قرِئَ ذلك كذلك. ويكونُ معنى الكلامِ حينئذٍ: واعلموا أنَّ هذه. ويكونُ نصبُها بفعلٍ مضمرٍ.

وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفيين بالكسرِ ﴿وَإِنَّ هَذِهِ﴾ (٢). على الاستئنافِ.

والكسرُ في ذلك عندى على الابتداءِ هو الصوابُ؛ لأنّ الخبرَ من اللهِ عن قيلِه لعيسى: ﴿يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ﴾. مبتدأٌ، فقولُه: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ﴾. مردودٌ عليه عَطفًا به عليه، فكان معنى الكلامِ: وقلنا لعيسى: يأيُّها الرسلُ كُلُوا من الطيباتِ. وقلنا له: إنَّ هذه أُمَّتُكم أُمَّةً واحِدَةً.

وقيل: إن الأمةَ في هذا الموضعِ معناها الدِّينُ والملةُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جُرَيجٍ فى قولِه: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾. [قال: الملةُ والدينُ] (٣).


(١) قرأ بها ابن كثير ونافع وأبو عمرو مع تشديد النون، وقرأ بها ابن عامر مع تخفيف النون. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٤٤٦.
(٢) قرأ بها عاصم وحمزة والكسائي. المصدر السابق.
(٣) زيادة من: م. وينظر التبيان ٧/ ٣٣٢.