للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: فإن يصبِرْ هؤلاء الذين يُحْشَرُون إلى النارِ [على النارِ] (١)، فالنارُ مسكنٌ لهم ومنزلٌ، ﴿وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا﴾. يقولُ: وإن يسأَلوا العُتْبَى، وهى الرجْعةُ، لهم إلى الذي يُحِبُّون بتخفيف العذاب عنهم. ﴿فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ﴾. يقولُ: فليسوا بالقومِ الذين يُرجَعُ بهم إلى الجنة، فيُخَفَّفُ عنهم ما هم فيه من العذابِ، وذلك كقوله جلَّ ثناؤُه مخبرًا عنهم: ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا﴾. إلى قوله: ﴿وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٦ - ١٠٨]. وكقولِهم الخَزَنَةِ جهنمَ: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [غافر: ٤٩، ٥٠].

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (٢٥)﴾.

يعني تعالى ذكرهُ بقوله: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ﴾: وبعَثنا لهم نُظراءَ من الشياطيِن، فجعَلْناهم لهم قرناءَ قرناهم بهم، يُزَيِّنون لهم قبائحَ أعمالهم، فزيَّنوا لهم ذلك.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ﴾. قال: الشياطيَن (٢).


(١) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) في م: "الشيطان".