للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَتَعَمَّدُوه من أفعالهم، فقال في كتابِه: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥]. [والتصدقُ في هذا الموضعِ] (١) بالدمِ العفوُ عنه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ومَن لم يَحْكُم بما أنْزَل اللَّهُ في التوراةِ مِن قَوْدِ النفسِ القاتلةِ قصاصًا بالنفسِ المقتولةِ ظلمًا، ولم يَفْقَأ عين الفاقئِ بعينِ المَفْقوءِ ظلمًا، قِصاصًا ممَّن أمَرَه اللَّهُ به بذلك في كتابِه، ولكن أقاد من بعضٍ، ولم يُقِدْ مِن بعضٍ، أو قتَل في بعضٍ اثنين بواحدٍ، وإِنَّ مَن يَفْعَلُ ذلك، مِن الظالمين. يعنى: ممَّن جار عن (٢) حكمِ اللَّهِ، ووضَع فعلَه ما فعَل مِن ذلك في غيرِ موضعِه الذي جعَله اللَّهُ له موضعًا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦)﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ﴾: أَتْبَعْنا. يقولُ: أَتْبَعْنا عيسى ابنَ مريمَ على آثارِ النبيِّين الذين أسْلَموا مِن قبلِك يا محمدُ، فبعَثْناه نبيًّا مصدِّقًا لكتابِنا الذي أنْزَلْناه إلى موسى مِن قبلِه أنه حقٌّ، وأن العملَ بما لم يَنْسَخُه الإنجيلُ منه فرضٌ واجبٌ. ﴿وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ﴾. يقولُ: وأَنْزَلْنا إليه كتابَنا الذي اسمُه الإنجيلُ. ﴿فِيهِ هُدًى وَنُورٌ﴾. يقولُ: في الإنجيلِ ﴿هُدًى﴾، وهو بَيانُ ما جهِله الناسُ مِن حكمِ اللَّهِ في زمانِه، ﴿وَنُورٌ﴾. يقولُ: وضياءٌ مِن عَمَى الجَهالَةِ، ﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا


(١) رسمت في ص هكذا: "وا في هذا الموضع"، ورسمت في ت ١، ت ٢، س: "وا في هذا الموضع"، وفي م: "وقد يراد"، والمثبت مستفاد من تحقيق الشيخ شاكر.
(٢) في م: "على".