للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ﴾. وقولُه: ﴿بَلْ﴾ تحقيقٌ لجَحْدٍ (١) قد عرَفه المُخاطَبون بهذا الكلامِ، وإن لم يكُنْ مذكورًا في هذا الموضِعِ ظاهرًا، ومعنَى الكلامِ: وما لهم ألَّا يعلَموا أنَّه لا كَالِئَ لهم [مِن أَمرِ] (٢) اللَّهِ إِذا هو حَلَّ بهم ليلًا أو نهارًا! بل هم عن ذكرِ مواعظٍ ربِّهم وحُجَجِه التي احْتَجَّ بها علَيهم مُعْرِضُون، لا يتَدَبَّرون ذلك، ولا يَعْتَبِرُون بهِ؛ جَهْلًا مِنهم وسَفَهًا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه: ألِهؤلاء المُسْتَعْجِلى ربِّهم بالعذابِ آلهةٌ تَمنَعُهم - إن نحنُ أحْلَلْنا بهم عذابَنا، وأَنْزَلْنا بهم بأسَنا - من دونِنا. ومعناه: أم لهم آلهةٌ من دونِنا تَمنَعُهم مِنَّا. ثم وصَف جلَّ ثناؤه الآلهةَ بالضَّعْفِ والمَهانَةِ، وما هي بهِ مِن صِفَتِها، فقال: وكيف تَسْتَطيعُ آلهتهم التي يَدْعُونها من دونِنا أن تَمنَعُهم مِنَّا وهي لا تستَطيعُ نَصْرَ أَنفُسِها؟

وقولُه: ﴿وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ﴾. اختَلَف أهلُ التأويلِ في المعنيِّ بذلك، وفى معنَى ﴿يُصْحَبُونَ﴾؛ فقال بعضُهم: عنَى بذلك الآلهةَ، وأنَّها لا تُصْحَبُ مِن اللهِ بخيرٍ.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ﴾: [يعنى الآلهة] (٣)،


(١) في ت ٢: "لحجة".
(٢) في ت ٢: "إلا".
(٣) سقط من: ت ١، ت ٢، ف.