للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَظِيمُ﴾. يقولُ: هو الظَّفَرُ العظيم (*) بما كانوا يَطْلُبون إدراكَه في الدنيا بأعمالِهم وطاعتِهم ربَّهم واتقائِهم إياه، فيما امتحَنَهم به من الطاعاتِ والفرائضِ، واجتنابِ المحارمِ.

القولُ في تأويل قوله: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : فإنما سهَّلْنا قراءة هذا القرآن الذي أنزَلْناه إليك يا محمدُ بلسانِك؛ ليتذكَّر هؤلاء المشركون الذين أرْسَلْتُك إليهم بعِبَرِه وحُجَجه، ويتَّعظوا بعظاتِه، ويتفكَّروا في آياتِه، إذا أنت تَلَوْتَه عليهم، فيُنِيبوا إلى طاعة ربِّهم، ويُذْعنوا للحقِّ عند تبيُّنِهموه.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ﴾. أي: هذا القرآنَ؛ ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ﴾. قال: القرآن، ﴿يَسَّرْنَاهُ﴾: أطلق به لسانَه.

وقولُه: ﴿فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : فانتَظِرْ أنت يا محمدُ الفتحَ من ربِّك، والنصرَ على هؤلاء المشركين بالله من قومك من قريشٍ، إنهم مُنتَظِرون عندَ أنفسِهم قهرَك وغلبتَك، بصدِّهم عما أَتَيْتَهم به من الحقِّ، مَن أراد قبوله منك واتباعَك عليه.

وبنحو الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويل.


(*) إلى هنا ينتهى الخرم الموجود في نسخة خزانة القرويين، والمشار إليه في ص ١٥.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٤ إلى المصنف وعبد بن حميد.