للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكره: فلم يكن جوابَ قومِ إبراهيمَ له إذ قال لهم: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. إلا أن قال بعضُهم لبعضٍ: اقتُلوه أو حرِّقوه بالنارِ. ففعَلوا، فأرَادوا إحراقَه بالنارِ، فأضرَموا له النارَ، فألْقوه فيها: فأنجاه اللهُ منها، ولم يُسَلِّطْها عليه، بل جعَلها عليه بَرْدًا وسلامًا.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ قولَه: فما كان جوابَ قومِ إبراهيمَ ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ﴾. قال: قال كعبٌ: ما حَرَقت منه إلا وَثاقَهُ (١).

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: إن في إنجائِنا لإبراهيمَ من النارِ وقد أُلقى فيها وهى تَسَعَّرُ، وتَصْييرِناها عليه بردًا وسلامًا - لأدلةً وحُجَجًا لقومٍ يُصدِّقون بالأدلةِ والححجِ، إذا عايَنوا ورأَوا.

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٢٥)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه مخبرًا عن قيلِ إبراهيمَ لقومِه: وقال إبراهيمُ لقومِه: يا قومِ، ﴿إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا﴾.

واختلَفت القرأةُ فى قراءةِ قولِه: ﴿مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ﴾؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ المدينةِ والشام وبعضُ الكوفيين: (مَوَدَّةً). بنصب "مودة" بغير إضافةٍ، "بينَكم" بنصبِها (٢).


(١) تقدم تخريجه في ١٦/ ٣٠٧.
(٢) قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر وأبو جعفر وخلف. ينظر النشر ٢/ ٢٥٧.