قبلَها حرفٌ من حروفِ النَّسَقِ؛ كالواوِ والفاءِ و "ثُمَّ"، وكذلك قرأتْ عامةُ قرأةِ أهلِ البصرةِ، غيرَ أن أبا عمرِو بنَ العلاءِ كان يَكسِرُ اللامَ مِن قولِه:(ثم لِيَقْضُوا). خاصَّةً من أجلِ أن الوقوفَ على (ثُمَّ) دونَ (ليقضُوا) حسنٌ، وغيرُ جائزِ الوقوفُ على الواوِ والفاءِ. وهذا الذى اعتَلَّ به أبو عمرٍو لقراءتِه عِلَّةٌ حسنةٌ مِن جهةِ القياسِ، غيرَ أن أكثرَ القرأةِ على تَسكينِها.
وأولَى الأقوالِ بالصوابِ فى ذلك عندى أن التسكينَ فى لامِ ﴿لْيَقْضُوا﴾. والكسرَ، قِراءَتانِ مَشهورَتانِ، ولُغتانِ سائِرَتانِ، فبأيَّتِهما قرأ القارئُ فمصيبٌ الصوابَ، غيرَ أن الكسرَ فيها خاصَّةً أقيَسُ؛ لِمَا ذَكَرنا لأبي عمرٍو من العلةِ، لأن مَن قرَأ:(وهْو عليمٌ بذاتِ الصُّدورِ)، (وهْو). بتسكينِ الهاءِ مع الواوِ والفاءِ، يُحرِّكُها فى قولِه: ﴿ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ [القصص: ٦١]. فذلك الواجبُ عليه أن يفعلَ فى قولِه: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾. فيُحرِّكُ اللامَ إلى الكسرِ مع "ثم"، وإن سَكَّنَها في قولِه: ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾.
وقد ذُكِر عن أبي عبدِ الرحمنِ السُّلميِّ والحسنِ البصريِّ تحريكُها مع "ثم" والواوِ، وهى لغةٌ مشهورةٌ، غيرَ أن أكثرَ القرأةِ مع الواوِ والفاءِ على تسكِينها، وهى أشهرُ اللُّغتين فى العربِ وأفصحُها، فالقراءةُ بها أعجَبُ إليَّ مِن كسرِها.
يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾: هذا الذي أمر به مِن قضاءِ التَّفثِ، والوفاءِ بالنُّذورِ، والطوافِ بالبيتِ العتيقِ، وهو الفرضُ الواجبُ عليكم أيُّها الناسُ فى حجِّكم، ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾. يقولُ: