للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشَاء، ومن لطفه وصنعه أنه أخرجنى من السجن، وجاء بأهلي من البدو، بعد (١) الذي كان بينى وبينهم من بُعدِ الدارِ، وبَعدَ ما كنت فيه من العبودة والرقِّ والإسار.

كالذي حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ﴾ لَطَف ليوسف (٢) وصنع له، حتى أخرجه من السجن، وجاء بأهله من البدو، ونزع من قلبه نَزْغَ الشيطان وتحريشه على إخوته (٣).

وقوله: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ﴾ بمصالح خلقه وغير ذلك، لا يخفى عليه مبادئ الأمور وعواقبها ﴿الْحَكِيمُ﴾ في تدبيره.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (١٠١)﴾.

يقول تعالى ذكره: قال يوسف بعد ما جمع الله له أبويه وإخوته، وبسط عليه من الدنيا ما بسط من الكرامة، ومكَّنه في الأرض، متشوقًا إلى لقاء آبائه الصالحين: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ﴾. يعنى: من مُلْكِ مصرَ ﴿وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾. يعنى من عبارة الرؤيا، تعديدًا لنعم الله عليه، وشكرًا له عليها ﴿فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. يقول: يا فاطر السموات والأرض، يا خالقها وبارئها ﴿أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾. يقولُ: أنت ولي في دنياي على من عاداني


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "يعني".
(٢) في م: "بيوسف".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢٢٠٣ من طريق سعيد به.