للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طِينٍ (٧١) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٧٤)﴾.

وقولُه: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ﴾. مِن صلةِ قولِه: ﴿إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾. وتأويلُ الكلامِ: ما كان لي مِن علمٍ بالملأَ الأعلى إذ يختصِمون حينَ قال ربُّك يا محمدُ للملائكةِ: ﴿إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ﴾. يعنى بذلك خَلْقَ آدَمَ.

وقولُه: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فإذا سوَّيتُ خَلْقَه، وعدَّلْتُ صورتَه، ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾. قيل: عُنِى بذلك: ونَفَخْتُ فيه مِن قُدْرتي.

ذكرُ مَن قال ذلك

حُدِّثتُ عن المسيَّبِ بن شَرِيكٍ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضحاكِ: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾. قال: مِن قُدْرتى.

﴿فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾. يقولُ: فاسجُدوا له وخِرُّوا له سُجَّدًا.

وقولُه: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فلما سوَّى اللهُ خَلْقَ ذلك البشرِ، وهو آدمُ، ونفَخ فيه من رُوحِه، سجَد له الملائكةُ كلُّهم أجمعون، يعنى بذلك: الملائكةُ الذين هم في السماواتِ والأرض، ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ﴾. يقولُ: غيرَ إبليسَ، فإنه لم يسْجُدْ، استكبرَ عن السجودِ له (١)؛ تعظُّمًا وتكبُّرًا (٢)، ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾. يقولُ: وكان بتعظُّمِه ذلك، وتكبُّرِه على ربِّه، ومعصيتِه أمرَه، ممن كفَر في علمِ الله السابقِ، فَجَحَد ربوبيتَه، وأنكَر ما عليه


(١) سقط من: ص، ت ١.
(٢) في ص، ت ١: "كبرا"، وفي ت ٢، ت ٣: "كفرا".