للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُحِبُّه من العفو عنه، والصفح عن ذنوبه التي سَلَفت منه، إلا للذين يأتُون ما يأتونه من ذنوبهم جهالةً منهم، وهم بربِّهم مؤمنون، ثم يُراجعون طاعةَ اللهِ، ويُنيبُونَ (١) منه إلى ما أمرهم الله به، من الندم عليه والاستغفار وترك العود إلى مثله، من قبل نزول الموت بهم. وذلك هو "القريبُ" الذي ذكره الله تعالى ذكره فقال: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾.

وبنحو ما قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل، غير أنهم اختلفوا في معنى قوله: ﴿بِجَهَالَةٍ﴾؛ فقال بعضُهم في ذلك بنحو ما قلنا فيه، وذهب إلى أن عمله السوء هو الجهالة التي عناها.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ، عن أبي العالية أنه كان يُحدِّثُ أن أصحاب رسول الله كانوا يقولون: كلُّ ذنبٍ أصابه عبدٌ فهو بجهالة (٢).

حدَّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قَتادةَ قوله: ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾. قال: اجتمع أصحاب رسول الله فرَأَوا أن كلَّ شيءٍ عُصِى به فهو جهالةٌ، عمدًا كان أو غيره (٣).

حدَّثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾، قال: كلُّ مَن


(١) في م: "يتوبون". وفى س: "يتبعون".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٣٠ إلى المصنف.
(٣) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٥١.